​أساسيات القذف المبكر: تصنيف الأسباب الرئيسية إلى فئتين رئيسيتين​

​(مقدمة: يُعد القذف المبكر (سرعة القذف) من أكثر المشكلات الجنسية شيوعًا بين الرجال. لفهم هذه المشكلة بشكل أعمق وتوجيه العلاج بشكل فعال، من المفيد تصنيف أسبابها إلى فئتين رئيسيتين أساسيتين. هذا التصنيف يساعد الأطباء والمرضى على تحديد مصدر المشكلة بدقة أكبر.)​

عند الحديث عن أسباب القذف المبكر، يميل الخبراء إلى تقسيمها إلى فئتين كبيرتين ومتميزتين، لكل منهما خصائصه وآلياته وطرق التعامل معه:

انقر للشراء

الفئة الأولى: القذف المبكر الأولي (الابتدائي أو مدى الحياة) – Primary Premature Ejaculation (Lifelong)​

  • الوصف:​​ هذا هو النوع الذي يعاني منه الرجل ​طوال حياته الجنسية تقريبًا، منذ أول تجربة جنسية له. يكون القذف السريع هو النمط السائد والمستمر في معظم أو جميع محاولات الجماع، بغض النظر عن الشريك أو الموقف.
  • الخصائص الرئيسية:​
    • الاستمرارية:​​ مشكلة دائمة، وليست حديثة الظهور.
    • الزمن:​​ وقت قصر ممارسة الجماع قبل القذف (زمن التأخر داخل المهبل IELT) غالبًا ما يكون قصيرًا جدًا (دقيقة أو أقل، وأحيانًا ثوانٍ).
    • السيطرة:​​ شعور ضئيل جدًا أو معدوم بالقدرة على تأخير القذف عند الرغبة في ذلك.
    • الانتشار:​​ يحدث في الغالبية العظمى من محاولات الجماع (أكثر من 90%).
  • الأسباب المحتملة (تركز غالبًا على العوامل البيولوجية/الفسيولوجية):​
    • الاستعداد الوراثي:​​ قد تلعب الجينات دورًا في زيادة حساسية الجهاز العصبي المركزي أو المحيطي المسؤول عن رد فعل القذف.
    • زيادة الحساسية العصبية:​​ حساسية مفرطة في أعصاب القضيب (خاصة الحشفة) أو اختلال في مسارات الإشارات العصبية بين الأعضاء التناسلية والحبل الشوكي والدماغ، مما يؤدي إلى استثارة سريعة جدًا وانعكاس قذف سهل التحفيز.
    • اختلال كيميائي دماغي:​​ خلل في مستويات أو وظيفة بعض النواقل العصبية، وخاصة ​السيروتونين (Serotonin)​. يعتقد أن انخفاض نشاط السيروتونين أو ضعف استجابة مستقبلاته في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في القذف هو عامل رئيسي في هذا النوع. هذا هو السبب في أن الأدوية التي تزيد من نشاط السيروتونين (مثل بعض مضادات الاكتئاب) تكون فعالة غالبًا في علاجه.
    • بنية أو وظيفة غير طبيعية:​​ اختلافات تشريحية أو فسيولوجية خلقية في الجهاز التناسلي أو العصبي قد تساهم، رغم أن هذا أقل تحديدًا.

الفئة الثانية: القذف المبكر الثانوي (المكتسب) – Secondary Premature Ejaculation (Acquired)​

  • الوصف:​​ هذا النوع ​يظهر بعد فترة من الخبرة الجنسية الطبيعية أو المقبولة لدى الرجل. بمعنى أن الرجل كان قادرًا في السابق على التحكم في القذف بشكل مرضٍ (أو على الأقل بشكل أفضل مما هو عليه الآن)، ثم بدأ يعاني من مشكلة القذف المبكر بشكل ملحوظ ومستمر.
  • الخصائص الرئيسية:​
    • الظهور المتأخر:​​ بداية المشكلة بعد فترة من الأداء الجنسي المقبول.
    • الزمن:​​ زمن التأخر داخل المهبل (IELT) يصبح أقصر بشكل ملحوظ عما كان عليه في الماضي.
    • السيطرة:​​ فقدان جزئي أو كلي للقدرة على تأخير القذف الذي كان موجودًا سابقًا.
    • الانتشار:​​ يحدث في معظم محاولات الجماع بعد بدء المشكلة.
  • الأسباب المحتملة (أكثر تنوعًا وتشمل غالبًا عوامل نفسية أو طبية مكتسبة):​
    • الأسباب النفسية والعاطفية:​​ هذه هي ​الأسباب الأكثر شيوعًا​ للقذف المبكر الثانوي وتشمل:
      • القلق الأدائي:​​ الخوف من الفشل الجنسي، خاصة بعد تجربة أو تجربتين فاشلتين، مما يخلق حلقة مفرغة من التوتر والقذف السريع.
      • الاكتئاب (Depression):​​ يمكن أن يؤثر الاكتئاب سلبًا على جميع جوانب الصحة الجنسية، بما في ذلك التحكم في القذف.
      • الإجهاد والضغوط النفسية:​​ الضغوط الحياتية الشديدة (العمل، المال، الأسرة) يمكن أن تعطل التوازن النفسي وتؤثر على الأداء الجنسي.
      • مشاكل العلاقة الزوجية:​​ الصراعات، قلة التواصل، انعدام الألفة، الغيرة، أو الغضب تجاه الشريك يمكن أن تكون عوامل مساهمة قوية.
    • الأسباب الطبية العضوية:​
      • اختلال الهرمونات:​​ مثل قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism) أو فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)، أو مشاكل هرمونات أخرى.
      • التهابات الجهاز البولي التناسلي:​​ التهاب البروستاتا (Prostatitis)، التهاب الحويصلة المنوية (Vesiculitis)، التهاب الإحليل (Urethritis).
      • أمراض مزمنة:​​ مثل داء السكري (Diabetes) الذي يمكن أن يسبب اعتلالًا عصبيًا (Neuropathy)، أمراض القلب والأوعية الدموية.
      • مشاكل الانتصاب (ED):​​ في بعض الحالات، قد يحدث القذف المبكر كرد فعل ثانوي لمشاكل الانتصاب، حيث يتسرع الرجل خوفًا من فقدان الانتصاب قبل القذف.
      • آثار جانبية للأدوية:​​ بعض الأدوية قد تؤثر على التحكم في القذف كأثر جانبي.
      • إدمان الكحول أو المخدرات:​​ يمكن أن تعطل وظيفة الجهاز العصبي.
    • أسباب سلوكية:​
      • تغيير في أنماط الممارسة:​​ مثل تطوير عادة التسرع في الجماع أو العادة السرية.
      • فترات الامتناع الطويلة:​​ تليها ممارسة بحماس شديد.

​**لماذا هذا التصنيف مهم؟**​

  • توجيه التشخيص:​​ يساعد الطبيب في التركيز على نوعية الأسئلة والتقييمات اللازمة (هل المشكلة منذ البداية أم حديثة؟).
  • تحديد العلاج:​​ غالبًا ما يكون للقذف المبكر الأولي (الابتدائي) استجابة جيدة للعلاج الدوائي (خاصة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية SSRIs). بينما قد يتطلب القذف المبكر الثانوي (المكتسب) نهجًا متعدد الأوجه يشمل علاج السبب الطبي الكامن (إذا وجد) والعلاج النفسي (خاصة العلاج السلوكي المعرفي CBT) و/أو العلاج الزوجي، بالإضافة إلى إمكانية استخدام الأدوية.
  • التشخيص التفريقي:​​ يساعد في استبعاد أو تأكيد وجود حالات أخرى قد تسبب أعراضًا مشابهة.

الخلاصة والخطوة التالية

فهم الفرق بين القذف المبكر الأولي والثانوي هو خطوة حاسمة نحو الحصول على المساعدة الصحيحة. بغض النظر عن التصنيف، من المهم ​استشارة طبيب متخصص (طبيب المسالك البولية أو اختصاصي الصحة الجنسية)​. سيقوم الطبيب بما يلي:

  1. أخذ تاريخ مرضي دقيق:​​ لمعرفة نوع القذف المبكر (ابتدائي أم ثانوي)، نمطه، مدته، والعوامل المرتبطة به.
  2. فحص جسدي:​​ لاستبعاد أي أسباب عضوية واضحة.
  3. فحوصات مخبرية (إذا لزم الأمر):​​ مثل تحاليل الدم للهرمونات أو البول للالتهابات.
  4. التقييم النفسي:​​ لفهم أي عوامل نفسية أو علائقية مساهمة.

بناءً على التشخيص الدقيق، سيضع الطبيب خطة علاج فردية تناسب السبب الأساسي ونوع المشكلة. تذكر أن القذف المبكر، سواء كان أوليًا أو ثانويًا، هو ​مشكلة قابلة للعلاج بنجاح​ في معظم الحالات. لا تدع الخجل أو الحرج يمنعك من طلب المساعدة المتخصصة التي تستحقها لاستعادة حياتك الجنسية المرضية.